التمييز : اسم نكرة

وَ
التاسع من المنصوبات: التمييز

التمييز: اسم نكرة بمعنى مِن، مبيِّن لإبهام اسم أو إجمال نسبة. ومن هذا التعريف يتبين أن التمييز نوعان:

النوع الأول: تمييز الذات أو تمييز المفرد. وأكثر موقعه بعد المقادير والأعداد، والمقادير هي: المساحة والوزن والكيل، فهذا تمييز الذات، فإذا قلت: اشتريت رطلاً. فـ "رطلاً" اسم مبهم، فلا ندري رطلاً سمنًا، أم رطلاً عسلاً، أم رطلاً زيتًا، فالكلمة مبهمة، فإذا قلت: اشتريت رطلاً عسلاً. فـ "عسلاً" أزالت الإبهام في الاسم السابق، والاسم السابق مفرد وهو "رطلاً". وإن شئت فقل: ذات، أي: اسم محسوس. فالرطل يوضع بالميزان فهو شيء محسوس، هذا معنى أنه ذات. والإعراب: "اشتريت" فعل وفاعل. "رطلاً" مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. "عسلاً" تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

وفي الأعداد إذا قلت: عندي عشرون. يوجد إبهام، فلا ندري عشرون كتابًا، أم عشرون قلمًا، أم عشرون ريالاً... فالكلمة فيها إبهام واسع جدًّا. فإذا قلت: عشرون كتابًا. زال الإبهام، فـ "كتابًا" أزال الإبهام في اسم قبله، فيكون تمييزًا.

النوع الثاني: تمييز النسبة، ويسمونه: تمييز الجملة. فإذا قلت: طاب المكان. فنسبة الطيب إلى المكان مبهمة، وكلمة "طاب" ليس فيها إبهام، والمكان ليس فيه إبهام، لكن نسبة الطيب إلى المكان مبهمة، فهل تريد: طاب المكان هواءً، أم طاب المكان رائحةً، أم طاب المكان ماءً، أم طاب المكان تربةً؟... فنسبة الطيب إلى المكان تحتاج إلى بيان، فإذا قلت: طاب المكان هواءً. زال الإبهام.

لكن السؤال: كلمة "هواء"، هل أزالت الإبهام في كلمة طاب وحدها؟ لا. هل أزالت الإبهام في كلمة المكان وحدها؟ لا. بل أزالت الإبهام في نسبة الطيب إلى المكان؛ ولهذا يسمونه: تمييز نسبة. والإعراب: "طاب" فعل ماض مبني على الفتح. "المكان" فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. "هواء" تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

وحكم التمييز النصب غالبًا، ويجوز جره بمن أو بالإضافة بعد المقادير، فتقول: اشتريت ثوبًا صوفًا. فالتمييز هو "صوفًا"، وحكمه النصب، ويجوز أن تجره بمن، فتقول: اشتريت ثوبًا من الصوفِ. ويجوز أن تجره بالإضافة (أي بواسطة الإضافة) فتقول: اشتريت ثوبَ صوفٍ. إذن تمييز المقادير يجوز فيه النصب -وهذا هو الأصل- ويجوز الجر بمن، ويجوز الجر على أنه مضاف إليه.

أما قاعدة تمييز العدد فهي: تمييز العدد من ثلاثة إلى تسعة جمع مجرور، فتقول: عندي ثلاثة كتبٍ. أما المئة والألف فتمييزها مفرد مجرور، فتقول: عندي مئة كتابٍ. أو عندي ألف كتابٍ. إذن تمييز الأعداد من ثلاثة إلى عشرة جمع مجرور. وتمييز المئة والألف مفرد مجرور. وما عداهما من أحد عشر إلى تسعة وتسعين مفرد منصوب، فتقول: عندي ثلاثون كتابًا. أو: عندي سبعون كتابًا.

شرح الأبيات: يقول -رحمه الله:

وَإِنْ تُمَيِّزْ فَقُلْ: عِشْرُونَ جَارِيَةً *** عِنْدَ الأَمِيرِ، وَقِنْطَارًا مِنَ الْعَسَلِ

(عشرونَ) مبتدأ. (جاريةً) تمييز. و(عندَ الأميرِ) خبر المبتدأ. (قنطارًا) اختلفت فيها نسخ الشبراوية؛ ففي بعضها بالرفع (وقنطارٌ)، وفي بعضها بالنصب (وقنطارًا)، فإذا كانت بالرفع فهي مبتدأ، والخبر محذوف دَلَّ عليه ما قبله، والتقدير: وقنطار من العسل عند الأمير. لأنه قال: (عشرون جارية عند الأمير). وقنطار من العسل عند الأمير، فإذا كانت بالرفع يكون التمييز (من العسلِ)؛ لأن (قنطارًا) -كما قلنا قبل قليل- مبهم، لا ندري أقنطار من العسل، أم من السمن؟... إذن التمييز (من العسلِ). وهنا يعطينا الشبراوي مثلاً للتمييز المنصوب والمجرور.

وكما قلت لكم قبل قليل: الأصل أن يكون التمييز منصوبًا، وقد يكون مجرورًا. (فجاريةً) تمييز منصوب، و(من العسل) تمييز مجرور. وهذا أحسن، لكن إذا قلنا بالنصب، يصير قنطارًا تمييز لـ (عشرون)، أي: عشرون جاريةً، وعشرون قنطارًا. فأي الوجهين أحسن النصب أم الرفع؟ الرفع أحسن؛ لأنه على الرفع يكون مَثَّل للتمييز المنصوب والمجرور، أما على النصب يكون قد مثَّل للتمييز للمنصوب دون المجرور؛ لأن قوله (من العسلِ) سيُعرَب صفة؛ ولهذا بعض الشراح رجح رواية الرفع، مع أن رواية النصب صحيحة.

منقول من المصدر

http://taimiah.org/index.aspx?function=item&id=1259&node=9253

حرر مساهمتك من جديد